روائع مختارة | روضة الدعاة | المرأة الداعية | ومضات من دور المرأة.. في نصرة دين الله

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > المرأة الداعية > ومضات من دور المرأة.. في نصرة دين الله


  ومضات من دور المرأة.. في نصرة دين الله
     عدد مرات المشاهدة: 2749        عدد مرات الإرسال: 0

كانت المرأة في ظل المجتمعات التي سبقت الإسلام تعامل معاملة الرقيق المملوك فلا اعتراف لها بأي قدر أو حق بل تباع وتشترى وتورث، فلما جاء الإسلام أعلى قدرها وشرع لها من الحقوق والواجبات ما جعلها تأخذ مكانها إلى جانب الرجل، قال تعالى: {فاستجاب لهم ربهم إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض}، وقال تعالى: {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نفيرا}.

وقال تعالى: {للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن} فها هو إذن حق المرأة في الاكتساب والملكية والعلم وأوجب عليها أيضا ما أوجب على الرجال من العلم بما تعلمت من أمور الدين والدعوة، ودليل وجوب ذلك قوله تعالى لأمهات المؤمنين: {ومن يقنت منكم لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا}.

فهذه الآيات أمر صريح لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بعدم كتم ما علمهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعليمه لنساء المؤمنين.

وهذا أمر واجب على باقي المسلمات لأنه توجد أمور لا تستطيع المرأة تعلمها من الرجل أو سؤاله عنه كما حدث في رواية عائشة رضي الله عنها إن امرأة من الأنصار سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض فعلمها كيف تغتسل ثم قال لها: «خذي فرصة ممسكة». أي قطعة من القطن بها أثر الطيب فتطهري بها قالت كيف أتطهر بها؟ قال: «تطهري بها!» قالت: كيف يا رسول الله أتطهر؟! فقال: «سبحان الله تطهري بها!» قالت السيدة عائشة: فاجتذبتها من يدها فقلت ضعيها في مكان كذا وكذا وتتبعي بها أثر الدم وصرحت لها بالمكان الذي تضعها فيه.

ومن هذا الحديث يتبين أنه لولا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لما تعلمت النساء كيفية الطهارة من المحيض وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها: رحم الله نساء الأنصار ما منعهن الحياء أن يتفقهن في الدين.

ومن هنا كانت الدعوة إلى الله من أوجب الواجبات التي بها يستقيم الفرد ويصلح حال المجتمع.

فأحاديث عائشة رضي الله عنها وغيرها من أحاديث أمهات المؤمنين تدل على أن للمرأة المسلمة دورًا مبكرًا في الدعوة ونشر الدين، فالسيدة عائشة رضي الله عنها كانت عالمة مفسرة ومحدثة تعلم نساء المؤمنين ويسألها كثير من الصحابة في أمور الدين فقد هيأ لها الله كل الأسباب التي جعلت منها أحد أعلام التفسير والحديث، وقد احتلت المرتبة الخامسة في حفظ الحديث وروايته؛ حيث إنها أتت بعد أبي هريرة وابن عمر وأنس بن مالك وابن عباس رضي الله عنهم، وكانت رضي الله عنها تري وجوب المحافظة على ألفاظ الحديث كما هي كما في رواية عروه بن الزبير أنه سئل عبد الله بن عمر عن أشياء يذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فكان فيما ذكر أن النبي قال: «إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعا، ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم ويبقى الناس رءوسا جهالا يفتون بغير العلم فيضلون ويضلون».

قال عروة: فلما حدثت عائشة بذلك أعظمت ذلك وأنكرته؛ قالت: أحدثك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا قال عروة: حتى إذا كان قابل؛ قالت له: إن ابن عمرو قد قدم فالقه ثم فاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم؛ قال: فلقيته فسألته فذكره لي نحو ما حدثني به في مرته الأولى قال عروة: فلما أخبرتها بذلك قالت: ما أحسبه إلا قد صدق أراه لم يزد فيه شيئا ولم ينقص؛ لذلك كان بعض رواة الحديث يأتون إليها ويسمعونها بعض الأحاديث ليتأكدوا من صحتها، ومن هذا كله يتبين أنه لولا أن الله تعالى أهلها لذلك لضاع قسم كبير من سنة النبي صلى الله عليه وسلم الفعلية في بيته عليه الصلاة والسلام.

والمرأة أيضا أم الرجال وصانعة الأبطال فكانت دائما من وراء العظماء وخير مثال على ذلك أم المؤمنين خديجة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما يعود إليها من غار حراء يرجف فؤاده وترتعد أطرافه ويقول: «دثروني دثروني» فتلقاه في شجاعة قلب ورباطة جأش وتقول له: أبشر فوالله لا يخذلك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر، ثم تنطلق به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وكان زعيما بتفسير هذا.

وظلت خديجة بجانب النبي صلى الله عليه وسلم تؤازره وتسري عنه ما يلقاه من عنت القوم وجهلهم وسفاهة رأيهم وكانت لقوة شخصيتها وسعة صدرها حصنا مكينا للدعوة المحمدية في أشد محنها وأعسر أيامها.

كذلك فقد تعدى دورها إلى غيره، فهذه أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها والتي تعد من أكمل النساء خلقا وعقلا وسدادا في الرأي، وظهر ذلك واضحا يوم الحديبية حينما صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة وكتب كتاب الصلح بينه وبينهم ثم قال لأصحابه: «قوموا وانحروا ثم احلقوا» فلم يقم منهم أحد بعد قوله ذلك ثلاث مرات فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت له أم سلمة رضي الله عنها: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلق لك، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمة واحدة ونحر بدنته ودعا حالقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق لبعض حتى كاد بعضهم يقتل بعضا.

وأما عن حسن بلاء المرأة في ميدان الجهاد فقد أبلت أحسن البلاء ولم تكن كما يزعم أعداء الإسلام أنها قعيدة البيت لا دور لها وإنها ليست إلا خادمة تخدم سيدها، بل كانت مجاهدة بنفسها ومالها، فهذه صفية عمة النبي صلى الله عليه وسلم يوم غزوة الخندق حينما خرج النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون للقاء العدو ووضع النساء والصبيان في حصن حسان بن ثابت، قالت صفية: فمر رجل من اليهود فجعل يطوف بالحصن وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس بينهم وبيننا أحد يدفع عنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في غور عدوهم لا يستطيعون انصرافا عنهم إن أتانا آت؛ قالت: يا حسان إن هذا اليهودي كما ترى يطوف بالحصن وإني والله ما آمنه أن يدل على عوراتنا من وراءنا من يهود، وقد شغل عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فانزل إليه فاقتله؛ قال: والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا؛ قالت: فأخذت عمودا ثم نزلت من الحصن فضربته بالعمود حتى قتلته ثم رجعت إلى الحصن فقلت: يا حسان، انزل إليه فاسلبه فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل؛ قال: ما لي بسلبه من حاجة.

فقد كان لموقفها هذا عظيم الأثر في حفظ ذراري المسلمين ونسائهم فلقد ظن اليهود أن هذه الحصون منعة من جيش المسلمين فلم يجترئوا على فعله ثانية؛ وبذلك كانت أول امرأة مسلمة تقتل رجلا في سبيل الله.

الكاتب: نهلة عبد الله.

المصدر: موقع المسلم.